بين صورة نمطية وصورة مستقبلية… وُلد حلم

بقلم عبير علان

 

“حلمي بأن أصبح إعلامية تناقش القضايا الإنسانية والاجتماعية التي تُقلق مجتمعنا ولا نتحدث عنها.”

هكذا بدأت لانا من العقبة، 16عاماً، الحديث عن حلمها، حلمها الذي يبدو صعب التحقيق قليلاً في ظل بعض المفاهيم المنتشرة حول الإعلاميات وطبيعة عملهن.

لانا، طالبة في الصف العاشر مشاركة في جلسات النوع الاجتماعي، التي يتم تنفيذها بالتعاون مع هيئة الأمم المتحدة للمرأة بهدف نشر مفهوم المساواة بين الرجل والمرأة وتمكين المرأة وتعزيز دورها في المجتمع المحلي، ضمن برنامج نشاطاتي التابع لوزارة التربية والتعليم والمموّل من منظمة اليونيسف، والذي تقوم على تنفيذه هيئة أجيال السلام في مختلف المدارس الموزّعة في جميع محافظات الأردن.

هذه الجلسات تركّز على ماهية مفهوم النوع الاجتماعي وتأثيره على قراراتنا وحياتنا اليومية، كما تدعم إظهار دور المرأة الإيجابي في المجتمع في عدّة نواحي منها الاقتصادية والاجتماعية.

والاهتمام بتمكين المرأة اقتصادياً يأتي لعدة أسباب منها ضعف مشاركة المرأة ووجود فجوة متفاوتة بين الإناث والذكور في سوق العمل، ما يدعونا جميعاً لدعم المرأة والرجل في خوض كافة المجالات في عالم الاقتصاد وسوق العمل بدون تحيّز، إلى جانب التركيز على رفع الوعي بين الطلبة حول أهمية دور الإناث والذكور على حدٍّ سواء في رفعة المجتمع وتقدّمه.

فبحسب تقرير أصدرته دائرة الإحصاءات العامة، فإن معدّل المشاركة الاقتصادية للمرأة الأردنية في سوق العمل الأردني ضعيف مقارنة بالذكور حيث بلغ للإناث ما نسبته 15.8%  مقابل 56.9% للذكور [1].

ولانا تحلم بخوض غمار المجال الإعلامي لتصبح إعلامية تناقش القضايا التي يحتاج المجتمع التحدّث عنها، وهي تحلم بامتلاك الشخصية القوية التي تؤهلها لتحقيق ذلك وسط ضعف مشاركة المرأة في سوق العمل. من خلال حصص النوع الاجتماعي، أصبحت لانا وزميلاتها على دراية بأهمية دورهن ومشاركتهن في المجتمع، بل بأحقيتهّن أيضاً في العمل فيمختلف المجالات، ما أعطى لانا جرعة من الأمل والشجاعة لمصارحة أهلها بما يجول في خاطرها من أفكارٍ وطموحات.

وهنا بدأت رحلة لانا في تحدّي الصورة النمطية المتعلقة بدور المرأة والرجل في المجتمع بشكل عام وبدور المرأة في الإعلام بشكل خاص.

“في السابق، كانت تنتابني حالة من الخوف كلّما حاولت التحدّث أمام مجموعة من الناس، حتى مشاركتي في المدرسة كانت ضعيفة. ولكن مع مرور الوقت ومن

 خلال حصص النوع الاجتماعي، أصبحتُ أعي جيداً أهمية العمل على صقل شخصيتي بما يتناسب مع حُلُمي، فزادت مشاركتي في الأنشطة والحصص وأصبحتُ أتدرب مع صديقاتي على الإلقاء القوي.

عندما تحدثتُ مع عائلتي وأخبرتهم عن رغبتي في أن أصبح إعلامية، واجهتُ الدعم منهم ولكن بتردد، فقد حاولوا في البداية أن يغيروا وجهة نظري بإقناعي بدراسة الطب، ولكنني تحاورت معهم وأخبرتهم عن الدور المؤثر الذي أرغب بتحقيقه فاقتنعوا بتقديم الدعم الكامل الذي أحتاجه للخوض في هذا المجال. لن أخفيكم، الفهم العميق لدور المرأة والرجل في المجتمع  ساعدني على إدراك أهمية حصولي على فرصتي بالالتحاق في المجال الذي أرغب به.”

ليس غريباً على لانا هذا الإصرار، فهي تأتي من عائلة تدرك جيداً أهمية مشاركة كلٍّ من المرأة والرجل في مختلف نواحي الحياة، فأمها تعلّمت القيادة في وقت كان من غير المحبّذ فيه رؤية المرأة خلف عجلة القيادة.

حصص النوع الاجتماعي زادت لانا تمسكّا بحُلمها، حتى بدأت تخطو خطواتها الأولى نحو تحقيقه، فمن الآن أصبح في جعبتها قائمة من المواضيع التي ترغب بطرحها في برامجها، منها الأزمات التي تعاني منها المجتمعات المحلية وحقوق المرأة ومشاركة المرأة والرجل في سوق العمل.

 

[1]

http://dos.gov.jo/dos_home_a/main/archive/unemp/2018/Emp_Q3_2018.pdf