نور أبوزيد – على أطراف محافظة المفرق وقبل 13 عاما، يقطع طفل اسمه سند العيسى كل يوم في العطلة الصيفية 60 كيلومترا ذهابا وإيابا من منطقة الدفيانة إلى مركز شباب البادية في الصالحية، وجهته وغايته الوحيدة العمل التطوعي بالرغم من أنه لا يتجاوز من العمر أحد عشرَ ربيعا.

يزداد شغف سند يوما بعد يوم وعاما بعد عام حتى انقضت ستة أعوام من العمل التطوعي أثبت خلالها أن التطوع يزيد الإنسان رفعة وتطورا ولا يعد عائقا في وجه التقدم والنجاح في الحياة العلمية والمهنية فحصد المركز الأول على مستوى اللواء في الثانوية العامة.

يدخل سند عامه التطوعي السابع يرافقه عامه الدراسي الأول في الجامعة وبعض الصعوبات المتمثلة بسوء الأوضاع المادية إلا أنه لم يتوقف عن الالتحاق في ركب العمل التطوعي مؤثرا إياه على أي عمل آخر قد يجني منه بعض المال لإعانته.

ينهي دراسته الجامعية وهو ثابت على عهده شغوفا في العمل التطوعي، يقول سند: “وجدت نفسي في العمل التطوعي وأصبح جزءا من شخصيتي”.

خطوة جديدة على وشك أن يخطوها سند، ستشكل مرحلة فارقة في مسيرته التطوعية، ففي جلسة شبابية يسرد ابن عمته قصة انضمامه إلى فريق متطوعي هيئة أجيال السلام داعيا سند إلى استغلال شغفه في العمل التطوعي من خلال خوض تجربة جديدة مع الهيئة، ومن دون تردد حضر سند أول جلسة ضمن برنامج عزم الشباب تتمحور حول إحدى المشاكل التي يعاني منها الشباب في منطقة الدفيانة.

يقول سند: “قصتي مع أجيال السلام أحدثت نقلة نوعية لي ولأصدقائي في مفهوم العمل التطوعي إذ لمست شيئا مختلفا لديهم فقد تعلمنا كيفية تحديد المشاكل في المجتمع ومن هم المستفيدون من حل هذه المشاكل وكيفية حلها”.

يباشر سند تقدمه في العمل التطوعي مع هيئة أجيال السلام ليصير عضوا في إحدى اللجان في منطقة الدفيانة، فيتعلّم خلال تجربته الكثير…. يقول لنا: ” كنت أخجل من التحدث أمام الفتيات أما اليوم فأنا أعلم جيدا أنهن شريكاتنا في المجتمع وأصبحت لغة الحوار التي أوجهها إليهن مختلفة تماما…..لقد أصبحتُ أكثر إيجابية”

بعدما تعلم سند مهارات الحوار من خلال برامج هيئة أجيال السلام وفي خطوة غير مسبوقة في مسيرته يُنشئ وأصدقاؤه مبادرة تشغيلية يدعون إليها كلا من مسؤولي منطقة ” الدفيانة” ووجهاء المنطقة للحديث عن مشاكل الشباب وتطلعاتهم، تبدأ جلسة الحوار بحديث الشباب عن مشاكلهم وقدراتهم وتنتهي بإقناع رئيس البلدية بفتح مصنع لتكرير البلاستيك.

يقول سند: “لم يكن المسؤولون واثقون بقدراتنا.. لكنهم تفاجئوا بإمكانياتنا وخبراتنا العلمية.. لقد أقنعناهم بلغة الحوار”.

سنقف يوما على أطلال منطقة الدفيانة ونرى عمّال البناء يباشرون عملهم بعد أن وضعوا حجر الأساس لمصنع بنته في المقام الأول إرادة الشباب وإيمانهم بقدراتهم.