نور أبوزيد – في بيتنا الكبير، هيئة أجيال السلام، نستطيع أن نحكي كل يوم قصة، إذ تتعدد أحاديثنا ورواياتنا، لكنها جميعا تجتمع على حب الخير والعطاء، ففي كل طابق في المبنى الرئيس للهيئة تشتم رائحة الشغف، وترى عيناك الرغبة الحقيقية بالتفوق والنجاح، لكل فرد من عائلة “أجيال السلام قصة، ومَن صعد إلى الطابق الثالث في المبنى الرئيس للهيئة، ولم يسمع “نكتة” عابرة من عبد الله، فكأنه لم يزر خلية المهمات الصعبة، هناك في قسم البرامج حيث الكثير من ضغط العمل، تجد عبد الله يحدّق في شاشة الكمبيوتر ويفتّش بين الأوراق في حالة من الانغماس في مهام العمل، لكنّه ما يلبث حتى يكسر كل هذا الجمود بنكتة عابرة لا تتجاوز خمس كلمات، فيضفي على الأجواء شيئا من الطرافة، ثم يعود للانغماس في عمله من جديد.

التحق عبد الله البنوي بفريق هيئة أجيال السلام عام 2018، وهو يخوض منذ ذلك العام رحلة شيّقة ومليئة بالإنجاز والخير والعطاء، وهو يرى أن السعادة الحقيقية تكمن في رؤية البهجة على وجوه الشباب والشابات في المدن والقرى التي تنفذ الهيئة فيها برامجها، يقول عبد الله: “عندما أنظر في عيون اللاجئين أو الأشخاص ذوي الإعاقة خلال الجلسات التي نعقدها، أشعر وكأننا أحيينا الأمل فيهم من جديد، فيتجدد في داخلي العزم للاستمرار في العمل من أجلهم”.

خلال رحلته الممتدة على مدار عامين، وما زالت مستمرة، يرى عبد الله أن “أجيال السلام” بيته الكبير الذي يحب كل تفاصيله، ابتداء من قهوة الصباح مرورا برحلة العمل اليومية الصعبة، فمن منّا لا يعلم حجم الجهد الذي يبذله عبد الله، كغيره من الجنود المجهولين يعملون بجد وإخلاص لإيصال رسالة السلام وخدمة المجتمعات المتضررة من الحروب والصراعات.

اليوم يغيب عبد الله ويغيب جميع من اعتادوا ارتياد مبنى أجيال السلام عنه، بسبب حظر التجوال الجزئي الذي فرضته علينا جائحة كورونا، لكنهم جميعا يواصلون رحلتهم ويعملون بشكل دؤوب لإكمال المسير، وما زال عبد الله يكسر جمود الاجتماعات المطوّلة عبر الإنترنت بحسّ الفكاهة والطرافة.

وإن كان بريق الأمل في عيون اللاجئين وغيرهم قد ساهم في دفع عبد الله نحو الإنجاز يوما ما، فإن إيمانه المطلق اليوم بدوره الفعّال لإخراج الشباب والشابات من حالة الإحباط والخوف بسبب جائحة كورونا، أصبح الدافع الأكبر لجعله يستيقظ كل صباح بنفس العزيمة والشغف، فيبدأ عمله بكل جد وحب وانتماء إلى عائلته الكبيرة “أجيال السلام” وحلمه الأكبر، إحلال العدل والسلام في كل بقاع الأرض.