في سلسلة “من أهل الاختصاص”، نقدم لكم تقارير مختصرة تطرح وجهات نظر المختصين حول القضايا ذات العلاقة بالأمن والسلام وتمكين المرأة وغيرها من الموضوعات والقضايا التي تهم الشباب والمجتمعات المتضررة من النزاعات والصراعات.
وفي هذا التقرير نطرح قضية تأثير الموجة الثانية لجائحة كورونا على نسب البطالة والاقتصاد والفرص المتاحة لدعم الشباب، والسيدات والأمهات العاملات والأشخاص ذوي الإعاقة.
الدكتور، طلال أبوغزاله
الترابط الواضح بين كورونا وتأثر الاقتصاد يستدعي معالجة يشارك فيها أهل الاقتصاد وأهل الطب مع صانعي القرار. ولذلك طالبت من البداية بتشكيل فريق متعدد الأطراف من ذوي المصلحة، أي من الخبراء في الصحة، وفي الاقتصاد، وفي السياسات الاستراتيجية، وفي المجتمع المدني، ليشكلوا غرفة عمليات دائمة ومستمرة لصنع الاقتراحات ورفعها إلى السلطة التنفيذية.
أقول هذا وأنادي به مجددا لأن الأزمة ما زالت في مراحلها المتدحرجة، مؤكدا أننى أرى أن أزمة كورونا ستعيش معنا ثلاث سنوات بعد سنتها الأولى بالرغم من كل ما نسمعه من تصريحات متفائلة، وعليه فإن أمامنا أزمة ستزداد تعقيداً إذا لم نتخذ الإجراءات الأنسب لكل الأغراض للحفاظ على الحياة أولاً ولكن أيضا للحفاظ على الأرزاق، وذلك كما قلت منذ البداية، فالأزمة الاقتصادية ستواجه دول العالم جميعها بتحديات تزداد صعوبة وتختلف حلولها ومعالجاتها من دولة لأخرى، مما يتطلب تشكيل الفريق الوطني الذي اقترحته.
مدربة عمل وناشطه مجتمعيه في مجال دمج الاشخاص ذوي الإعاقة في المجتمع، لمى جمجوم
إن الأشخاص ذوي الإعاقة هم من الفئات الأكثر تهميشاً في العالم حتى في الظروف العادية وقد ازداد الخطر لتهميشهم بشكل أكبر في ظل الظروف الجديدة مع جائحة كورونا. بالتأكيد كان لهذه الجائحة دور كبير في فقدان العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة لأعمالهم والتي كانت تشكل دوراً كبيرا في تحسين حالتهم النفسية وتساعدهم ليكونوا أشخاصاً منتجين وداعمين لأنفسهم ولمجتمعهم، وبذلك أصبح من الضروري علينا جميعاً بأن نتكاتف بالعمل معاً لزيادة ورشات العمل والتوعية عن طرق العمل والانتاج عن بعد والتدرب على مواقع التواصل الاجتماعي والتكنولوجيا الجديدة ليتواصلوا مع المجتمع ومع من حولهم وليكون الفرد منهم قادراً على إيجاد الحل البديل للاستمرار بالعمل والإنتاجية.
في الموجه الثانية لجائحة كورونا هناك فرص توعويه متزايدة يقدمها الأشخاص من ذوي الإعاقة لمن حولهم ولذلك علينا جميعاً إعطاء الفرص وفتح المجال أمام الجميع مع كل اختلافاتهم، للمشاركة في الفرص التعليمية بإعطائها وأخذها بأكبر قدر ممكن لنستفيد جميعاً من هذا التشارك الذي سيؤدي بالتأكيد للتخفيف من أضرار الجائحة بأكثر شكل ممكن ومساعدة هؤلاء الاشخاص وبالتالي زيادة قيمة المجتمع ككل.
مستشار ومتحدث في مجال بناء الهوية الرقمية ومؤلف كتاب “شسمو” عن بناء الهوية الرقمية، خالد الأحمد
كنا نعتقد أن موضوع جائحة كورونا سينتهي بانتهاء عام 2020 ولكن هناك بعض التقارير الحديثة التي تتحدث عن التأقلم مع الوضع الجديد لأن جائحة كورونا ستبقى لعدة سنوات. حسب تقرير فورستر الأخير وبعض القراءات الأخرى فإن الاستهلاك التجاري ينكمش في القطاع الترفيهي ويقتصر على القطاء الاستهلاكي مما يعني أن هناك نوع من التحوّل في السوق. الشركات التي لا تفكر بالرقمنة ستختفي خلال أشهر، هناك توجه عاجل للعالم الرقمي مفروض علينا للتعلّم والعمل والتسوّق عن بعد.
كل هذا يفرض علينا توجهات جديدة يجب أن نفهمها جيدا لأننا نعيش في مرحلة تحول رقمي بسرعة غير معهودة. نحن نعيش فيما يسمى ب “VUCA” عالم متذبذب، مجهول، معقد، وغامض، وللنجاة علينا التخطيط. علينا أن نعيد صقل مهاراتنا وأن نطور مهارات جديدة.
مخرجة، إعلامية، وناشطة في حقوق المرأة والمساواة بين الجنسين، غادة سابا
التحديات التي تمر بها المرأة والأم العاملة خلال جائحة كورونا هي تحديات من نوع مختلف. نرى اليوم دور رعاية أطفال ومدارس مغلقة بسبب الجائحة والسؤال الأكبر، لمن الأحقية في الذهاب إلى العمل؟
نحن نعيش اليوم في زمن يجب على المرأة أن تكون جنبا إلى جنب مع الرجل وأن تخوض هذه الحياة بكل تفاصيلها العملية ويجب أن يكون الحِمل بالمناصفة بين الرجل والمرأة لنستطيع التغلب على هذه الأزمة.
نرى اليوم أمثلة كثيرة لشركات تتّخذ إجراءات متساهلة مع الموظفين تساعد المرأة على البقاء في سوق العمل خلال هذه الأزمة ولذلك فأنا أعتقد أنه يجب أن يكون هناك فهم وتعاون مجتمعي كامل وحقيقي بين الشركات والمؤسسات والهيئات والناشطين من المجتمع المحلي وكل الأشخاص الاقتصاديين الذين يهمهم أن نعود من هذه الأزمة بأقل الخسائر. يجب أن يكون هناك مشاركة حقيقية لأخذ قرارات من شأنها تقليل الضرر الاقتصادي ليس فقط على المرأة ولكن على المجتمع ككل وعلى الشركات التي تشغلها النساء
رئيس هيئة أجيال السلام، الدكتور مهند العربيّات
يشكّل الجانب الاقتصادي تحدياً مزمناً عابراً للحكومات، لكن الجائحة فاقمت من التحديات الاقتصادية التي تواجهنا كأفراد ومجتمعات ودولة. خلال النصف الأول من العام الحالي ارتفعت معدلات البطالة الرسمية بأربع نقاط مئوية ويتوقع استمرار هذا الارتفاع في ظل الركود الاقتصادي وتسارع معدلات النمو السلبية وعودة المغتربين الذين فقدوا وظائفهم في الخارج، وستتفاقم هذه الأرقام حين يتم وقف العمل بقوانين الدفاع بما يسمح إنهاء خدمات الآلاف من العاملين في القطاع الخاص.
في إطار المتاح من الجانب الاقتصادي في ظل الجائحة، فإن التركيز على اكتساب المهارات المهنية والمعرفة الأكاديمية التي تعزز من تنافسية الشباب في سوق العمل هو الخيار الأنسب حاليا- مع العلم أن “السوق” الحالي هو ما يسمى اصطلاحاً “سوق موظِّفين”. وهنا تجدر الإشارة إلى أن الغموض لا زال يخيم على أثر الجائحة من حيث تغيير ديناميكيات سوق العمل الأردني. أما من الجانب الاجتماعي، فهناك ضرورة كبيرة لتفعيل دور الشباب في تعزيز السلم المجتمعي من خلال بناء قنوات تواصل مؤسسية أفقية وعمودية لتعزيز وحماية رأس المال المجتمعي المرتبط ارتباطا عضوياً بمفهوم الثقة الذي تعرض لهزات متتالية.
عضو الجمعية الأردنية لعلم الاجتماع، د. عبلة الوشاح
لا شك بأن جائحة كورونا قد أثرت سلباً على فرص العمل المتاحة أمام الشباب وقد يحتاج اقتصاد العالم إلى عدة سنوات لإعادة بناء نفسه كما كان في السابق؛ الأمر الذي أثّر وسيؤثّر سلباً على فرص العمل من حيث الكمّ والنوع.
جائحة كورونا استطاعت وبرغم ما أحدثته من ضياع لفرص العمل وتغييرات سلبية على الاقتصاد العالمي أن تحدث جانباً إيجابياً لبعض المناحي المتعلقة بالاقتصاد واستحداث فرص عمل جديدة لم نكن لنفكر بها ذات يوم. أمثلة على ذلك هي تصميم المواقع الالكترونية وصفحات التواصل الاجتماعي والتطبيقات ذات علاقة بالجائحة وكيفية تسخير هذه التكنولوجيا للتعامل بشكل آمن مع حيثيّاتها، وإعطاء الدروس التعليمية عن بُعد عبر المنصات التعليمية التي استحدثت لغايات الجائحة إضافة الى التوسّع في بعض الوظائف مثل خدمة التوصيل الى المنازل للسّلع الأساسية والكمالية .