نور أبوزيد – قبل نحو خمسة عشر عاما، في مدينة الزرقاء، على بعد حوالي 20 كيلومترا من العاصمة عمّان، كانت فرح البالغة من العمر حينها، ثلاث سنوات، تتراقص فرحا بقدوم مولدة جديد إلى العائلة، ستلعب معها كثيرا، وستشاركها ألعابها وسط كثير من الضحك والمرح، لم تكن تعلم حينها أن شقيقتها الصغرى، آية، التي أطلّت على الحياة بوجه بشوش لا يعرف سوى الحب والسلام، تعاني من متلازمة دوان، وأن ابتسامتها المليئة بالحب ستُواجَه بالكثير من التنمّر، إلى أن كبُرت آية والتحقت بأقرانها في المدرسة، وبدأت تتعرض إلى موجة من الانتقادات والمضايقات.
بالرغم من صغر سن فرح حينها، إلا أنها حاولت جاهدة الوقوف إلى جانب شقيقتها، في وجه كل من ينتقص من قدراتها أو ينتقد شكلها، فبادرت بدعم من والدتها، بعقد جلسات توعوية حول احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وطرق التعامل معهم، فأحدثت نقلة نوعية في سلوكيات زميلات آية، وباتوا أكثر تقبّلا ودعما لها، ومنذ ذلك الوقت وهي تعمل جاهدة على نشر التوعية باحتياجات شقيقتها وكل من خلقوا من رحم المعاناة ذاتها.
في حين استطاعت فرح، خلق تغيير إيجابي في حياة شقيقتها على مستوى المدرسة، لم تتمكن من كبح جماح التنمّر الذي كانت تتعرّض له شقيقتها كلما خرجت من المنزل، مما أدى إلى تدهور حقيقي وملموس في حالة آية النفسيّة، حتى أصبحت ترفض الخروج من المنزل والاختلاط بالناس، وفقدت ثقتها بنفسها وأصبحت أكثر انعزالا وانطوائية.
بقيت فرح عاجزة عن تقديم حل للانتكاسة النفسية التي تعرّضت لها شقيقتها، إلى أن التحقت ببرنامج مهاراتي الذي تنفذه وزارة الشباب بالتعاون مع هيئة أجيال السلام وبدعم من اليونيسيف.
وبدأت باكتساب المهارات الحياتية، وتعلّم الطرق المُثلى لقيادة التغيير وتطوير الذات، فباشرت بنقل ما تعلّمته إلى آية، فكلّما تعلّمت مهارة جديده، درّبت شقيقتها عليها، إلى أن بثت فيها حب الحياة من جديد.
واصلت فرح دعم شقيقتها، واصطحبتها معها في عدة جلسات تدريبية في برنامج مهاراتي، إلى أن حلّت جائحة كورونا، وأغلقت المدارس والمراكز الشبابية، إلا أن برنامج مهاراتي واصل عمله من خلال بث المحتوى الداعم لمهارات الشباب، عبر وسائل الاتصال الحديثة، مما شجّع فرح وشقيقتها على الانخراط أكثر في عالم التكنولوجيا، وابتكار مبادرات الكترونية تثقيفية وتوعوية حول فيروس كورونا.
خلال الأشهر القليلة الماضية، تغيّر مجرى حياة آية، لتنتقل من مرحلة الانعزال والخوف من المجتمع، إلى مرحلة قيادة التغيير، إذ بثّت عبر منصات التواصل الاجتماعي، بدعم من شقيقتها فرح مقاطع فيديو توعوية بمخاطر كورونا وآلية الوقاية من هذا المرض، لتشكل الشقيقتين بذلك، مثالا على الأثر الذي يتركه برنامج مهاراتي على المنخرطين به بشكل مباشر وعلى من تعمهم الفائدة من خلال تناقل الخبرات من فئة إلى أخرى ومن جيل إلى جيل.