ما بين تقدّمي وتراجعي… ندبة خجل

بقلم عبير علان

 

“كانت شخصيتي خجولة وثقتي بنفسي متزعزعة، كنت لا أعبّر عن رأيي خوفاً من ردود فعل الآخرين ومن فكرة التعرّض للانتقاد والسخرية، كنت أخاف حتى الحديث مع الجنس الآخر. وصلتُ لمرحلة لم أكن فيها في قمة الرضى والسعادة مع نفسي، لأن خجلي هذا أصبح عائقاً في طريقي نحو المعرفة وتعلّم المهارات الجديدة وتكوين الصداقات والخوض أكثر في عالم التطوّع.” تقول لينا، 23 سنة، متطوعة من الأردن.

الخجل الاجتماعي – وهو مختلف تماماً عن الحياء –  يُعرّف على أنه حالة نفسية تترك آثاراً سلبية على قدرات الفرد الاجتماعية والإبداعية، وهي حالة تتطور بسبب عدم الثقة بالنفس والخوف من ردود فعل الآخرين أو بسبب البيئة المُحيطة التي أبدت عدم التقبّل للفرد بشكل أو بآخر، بالتالي تسببت في تجنبّه للمواقف الاجتماعية ما أدى إلى فقدانه مهاراته الاجتماعية.

مع تفاقم هذه الحالة، يلجأ الفرد إلى الانعزال والامتناع عن التعبير عن ذاته خوفاً من ردة فعل من حوله، هنا تحديداً يتحول الخجل الاجتماعي إلى مشكلة تحول دون تحقيق التفاعل الاجتماعي الناجح للفرد، ما يحدّ من مشاركته في المبادرات المجتمعية التي تتضمن التفاعل مع الأشخاص الغرباء وأحياناً مع الجنس الآخر.[1]لذلك، علينا أن ندرك أهمية معالجة الخجل الاجتماعي والتفريق بينه وبين الحياء، وتشجيع البنات والأولاد على حدٍّ سواء على التعبير عن أنفسهم.

منذ سنة ونصف تقريباً بدأت لينا مسيرتها في التطوّع، مسيرة حافلة بالأنشطة مع زميلاتها اللّاتي اعتادت رؤيتهنّ والعمل معهن، ولكن حين قامت هيئة أجيال السلام بتنفيذ برنامج عزم الشباب بدعم من الصندوق الاستئماني الأوروبي “صندوق مدد” في مختلف محافظات المملكة، وجدتها لينا فرصة لتحدّي نفسها ولكسر حاجز الخجل من خلال الخروج عن دائرتها المعروفة والانخراط في أنشطة جديدة ومبادرات مجتمعية يتطلب تنفيذها مشاركة الشباب والشابات.

تمحورت الجلسات والفعاليات حول استخدام أداة كسب التأييد من أجل بناء السلام ونشره في المجتمعات المحلية، فمن خلال هذه الأداة يتم زيادة الوعي بموضوع يصبّ في مصلحة المجتمع الُمضيف بغاية كسب الناس لتأييده والعمل على تنفيذه. بسبب طبيعة هذه الجلسات التي تعتمد على التحدّث عن القضايا المشتركة، أصبحت المنفذ الآمن للينا لتثق بمن حولها ولتعبّر عن نفسها ولتُخالط زملائها وزميلاتها من الجنسيتين الأردنية والسورية، ما زاد من ثقتها بنفسها وتقبّلها للجنس الآخر.

فعاليات كسب التأييد جمعت بين المشاركين والمتطوعين برابط إنساني قوي مبني على الاحترام والثقة وتبادل وجهات النظر، ما شجّع التعامل الطيب بين الشباب السوري والأردني. هنا، أدركت لينا بأن الشباب والشابات من مختلف الجنسيات يتشاركون في أحلامهم وطموحاتهم، وجميعهم يسعون نحو العيش في مجتمع آمن يمنحهم وعائلاتهم السلام.

تقول لينا: “خلال مشاركتي بجلسات وفعاليات برنامج عزم الشباب، وجدت المساحة الآمنة على الصعيد  الشخصي لأعبّر عن رأيي وعن قضايا مجتمعي، ولأشارك بالحوار وأتبادل وجهات النظر مع زملائي وزميلاتي السوريين عن القضايا المجتمعية التي تؤثر على تماسك المجتمع. تعلّمت كيف أن تقبّل الآخر وإشراكه بالمجتمع له الأثر الإيجابي فيتنمية المجتمع وبناء السلام فيه. تعلّمت حسن الإصغاء لزملائي وزميلاتي من الجنسية السورية وتعرّفتُ على القضايا التي يواجهونها في المجتمع المحلي من وجهة نظرهم فتغيرت نظرتي، حيث كنت في السابق أعتقد بأن لجوء السوريين إلى الأردن سيأخذ من فرصنا في العمل كأردنيين.”

لم تكتفِ لينا بأنشطة البرنامج، بل أخذت ما اكتسبت من مهارات إلى عائلتها ومحيطها، حيث بدأت شقيقتها تشارك في الأنشطة بعد أن لمست التغيير الإيجابي في شخصية لينا وتلاشي الخجل الاجتماعي منها كحالة سلبية. 

“برنامج عزم الشباب يمنحنا كشباب في المجتمع الأردني الفرصة لزيادة ثقتنا بأنفسنا وبقدراتنا ولبناء التغيير الإيجابي في شخصياتنا، حتى نصبح جميعنا – على مختلف ثقافاتنا وجنسياتنا – عناصر مؤثرة وفاعلة في مجتمعاتنا المحلية.”

[1]http://www.alnoor.se/article.asp?id=50599