نور أبوزيد- كمئات الآلاف من اللاجئين، عبرت هيام عام 2013، الحدود من سوريا إلى الأردن، هربا من سوداوية الحرب، وأملا في أن يعيش أطفالها مستقبلا أكثر إشراقا وأمنا، لم يكن طريق العبور معبّدا، بل كان ملبّدا بأوجاع اللجوء، ففي السابع من رمضان، اشتد القصف على الحي الذي نزحوا إليه في الداخل السوري، مما أجبرهم على اتخاذ قرار دون سابق تخطيط، لشد الرحال نحو الأردن أملا بحياة يُصبح الأطفال فيها على شدو العصافير لا على صوت الرصاص، وعلى أمل بالمستقبل السعيد لا على خوف من دنو الأجل والموت القريب.

وكأنهم خُلقوا من جديد، لكن رحم المعاناة الذي ولدوا منه، وإن قُطع حبله السُرّي، ترك علامة واضحة وأثرا بالغا في نفس هيام وأطفالها، إلا أن حب الحياة كان سيد الموقف، فباشرت هيام في البحث عما يعيد للحياة ألقها، ويعزز ثقتها بنفسها، كي تتمكن من تعبيد الطريق أمام مستقبل أطفالها الخمسة، فالتحقت بركب المتطوّعين، وباشرت بتقديم الدعم للاجئين السورين عبر المبادرات الداعمة لهم بكافة أشكالها.

وصالت هيام عطاءها التطوّعي، وانضمت عام 2018  إلى فريق متطوّعي برنامج مهاراتي الذي تنفذه وزارة الشباب بالتعاون مع هيئة أجيال السلام وبدعم من اليونيسيف، فاكتسبت خلال العامين الماضيين مهارات وخبرات جديدة، أحدثت نقلة نوعية في حياتها، تقول: “تطوّعي في برنامج مهاراتي، عزز مهارات التواصل لدي، وأكسبني ثقة غير مسبوقة بنفسي، فانتقلت من مرحلة العمل ضمن فريق إلى مرحلة قيادة الفريق وأخذ زمام المبادرة، أنا حقا فخورة بهذا الإنجاز”.

هيام خلال تحضير الطرود الغذائية ضمن مبادرة “الجار للجار”

خلال الأشهر الثلاثة الماضية، برز الأثر الذي تركه البرنامج في شخصية هيام، إذ بادرت بإطلاق مبادرة لدعم الأسر المتضررة من أزمة كورونا أطلقت عليها اسم ” الجار للجار”، استطاعت خلالها دعم عشرات الأسر من خلال جمع وتغليف المواد التموينية الأساسية وتوزيعها على من تقطْعت بهم سبل العيش بسبب خسارتهم لوظائفهم بسبب الجائحة.

وبالإضافة إلى عملها المستمر إلى اليوم في مبادرة “الجار للجار”، تضمي هيام قدما، في نشر الرسائل التوعوية التي تبثها اليونيسف وهيئة أجيال السلام، حرصا منها على دعم مجتمعها وتجنيب أفراده خطر الإصابة بفيروس كورونا، مشكّلة بذلك مثالا يحتذى به من الإصرار والعزيمة والمواطنة المسؤولة، وأنموذجا حقيقا للمرأة الفعالة والداعمة لنساء وشباب مجتمعها.