ليان الصيفي، خبيرة التواصل في منظمة أجيال السلام

أدّى انتشار جائحة كوفيد-19 إلى إغلاق المدارس في جميع أنحاء العالم، حيث لعب أولياء الأمور تبعاً لذلك دوراً أساسياً في عملية تعليم أطفالهم مع عدم وضوح موعد العودة إلى التعليم الوجاهي في المستقبل وإزدياد مشاركة أولياء الأمور في التعليم. بناء على بيئة التعليم الجديدة، أصبح التعاون بين المعلمين وأولياء الأمور أمراً بالغ الأهمية في دعم الطلاب من خلال تعليمهم المنزلي، وبالأخص الطلاب ذوي الإعاقة.

كشفت الجائحة نقاط الضعف في النظام التعليمي بما يخص دمج الطلاب ذوي الإعاقة في الأردن وأنحاء العالم، وأصبح هناك حاجة ماسة للتكاتف ومعالجة المشكلة وتوحيد الجهود وتعزيز أسس التعليم الدامج الذي يرحب بكافة المتعلمين ويستجيب لاحتياجاتهم بناءً على قدراتهم المختلفة.

“مجتمعنا الأردني اليوم لا يعامل الأشخاص ذوي الإعاقة على قدم المساواة في المجتمع، وغالباً ما يتم اقصاء الطلبة ذوي الإعاقة ومعاملتهم بشفقة وتعاطف. يعيش الآباء والأمهات في حالة من الإنكار لما يحتاجونه من دعم، بالتالي تتكون لديهم توقعات تعليمية منخفضة المستوى لأطفالهم. لا يزال بعض المعلمين يصفون الطلبة ذوي الإعاقة بالعجز فغالباً ما يواجهون التحديات ويعانون من صعوبات في التعلم بفعل الوصمة الاجتماعية المرافقة لهم.” سمر بلتاجي، مدرسة المرج الابتدائية المختلطة، عجلون.

أطلقت منظمة أجيال السلام في عام 2021 برنامج التعاون بين أولياء الأمور والمعلمين الذي يتم تنفيذه من قبل التعاون الدولي الألماني (GIZ)، وبالتعاون مع وزارة التربية والتعليم والمجلس الأعلى لحقوق الأشخاص ذوي الاحتياجات الإعاقة، ومع ‎جمعية أنا إنسان لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. حيث ركزت أهداف البرنامج المُطبق على مدى ستة أشهر إلى تحسين التحصيل العلمي للطلاب، وخاصةً الطلبة ذوي الإعاقة في ظل جائحة كوفيد-19 التي أثرت على تعليمهم.

عمل البرنامج على رفع مستوى القدرات لدى أولياء الأمور والمعلمين فيما يخص أنشطة التعلّم المنزليّ الدامجة، بالإضافة إلى تحسين العلاقات التعاونية بين أولياء الأمور والمدرسين لتعزيز سبل التواصل الحالية إضافة إلى الاستدامة نت خلال التواصل مع الأشخاص المعنيين ومجتمعات التعليم.

استهدف البرنامج كل من أولياء الأمور والمدرسين في ست مدارس مختلفة من مديريات التربية في كل من ماركا، عجلون، والكرك، حيث استفاد 144 مستفيد بصورة مباشر و606 مستفيد بصورة غير مباشر.

بدأ البرنامج بإجراء تقييم أولي لأولياء الأمور والمعلمين بغرض تحديد الإمكانيات والتحديات، بالإضافة للفرص التي تقدمها الممارسات الحالية. انطلاقاً من ذاك التقييم، وُضعت أسس تطويرية لمجموعة من النشاطات المتعلقة بالتعليم المنزلي والتعليم الدامج على حدّ سواء.

عقدت أجيال السلام خلال المرحلة الأولى اجتماعات عبر الإنترنت لبناء العلاقات بين المعلمين وأولياء الأمور بغرض المناقشة والاتفاق على أفضل سبل التواصل. بناءً على ذلك، أُنشئت مجموعة عمل ضمن البنى الحالية في المدارس مكونة من المعلمين وأولياء الأمور وأعضاء مجلس التطوير التربوي، بالإضافة إلى اتحاد الأهالي والمعلمين. يتمحور هدف هذه المجموعة حول التطوير والتخطيط للمبادرات التي تحسّن التعلّم المنزلي الدامج والتعليم في المدارس التجريبية ضمن هذا البرنامج.

“عاد علينا البرنامج بفوائد كثيرة حيث نمتلك الآن معرفة أكبر حول الأنشطة الهادفة لملء وقت أبنائنا. يمكننا الآن منحهم المزيد من الدعم في المنزل. أصبح ابني الآن أكثر تجاوباً وإدراكاً. ساعدنا التنوع السائد في المجموعة على ذلك. كما شجعنا لقاء مشاركين من محافظات مختلفة فاستفدنا من خبراتهم وكيفية تعاملهم مع التحديات التي يواجهونها. ناهيك عن الاستماع إلى قصص نجاحهم وإنجازاتهم التي حثّتنا على الصبر والمثابرة.” أماني المومني، ولي أمر، مدرسة حطين، عجلون.

“لقد حسَّنت ورش العمل بين أولياء الأمور والمعلمين من مهاراتي ومعرفتي. حصلت من خلال الورشة على معلومات نظرية حول تعريف الإعاقة والأمور ذات الصلة بها بالإضافة إلى طرق الإدارة الذاتية. كما تعلمت كيفية تنظيم الأنشطة وأساليب التعليم وإرشادات التمييز. نريد أن نستمر في تقديم الرسالة الصحيحة والدفاع عن حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة. لذلك، قمت بدوري بتقديم ورشة عمل توعوية للمعلمين وأولياء الأمور حول الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعي.” السيدة نسيبة المومني، معلمة وإحدى المشاركات في ورشة التوعية للمعلمين وأولياء الأمور في عمّان.

تضمَّن الحفل الختامي الذي نظمته أجيال السلام في 12 آذار 2022، عرضاً تقديمياً عن الأنشطة والإنجازات الرئيسية للبرنامج، واستضاف حلقة نقاش حول أفضل الممارسات والتوصيات؛ كما تبادل المشاركون شهاداتهم وخبراتهم في إشراك الأطفال في أنشطة التعليم المنزلي.

“بداية، إن الدمج هو عملية سيتطلب تنفيذها وقتاً. بالتالي، كل ما نفعله مهما كان حجمه هو خطوة إضافية على الطريق الصحيح. أولياء الأمور والمعلمين مهمّون للغاية، حيث يحمل هذا البرنامج قيمة كبيرة في طريقنا للوصول إلى ذلك الهدف. ثانياً، بإمكاننا من خلال اللغة تعزيز الوعي. وأرغب في تذكيرنا جميعاً، أننا يجب أن نكون مدركين للكلمات والمصطلحات التي نستخدمها حيث إنها تحمل الكثير من المعنى والقوة.” جيسيكا كاري، مستشارة برنامج تعزيز الجودة في التعليم الدامج المنفذ من قبل التعاون الدولي الألماني.

بدوره، أشار الدكتور مهند العربيات رئيس هيئة أجيال السلام في خطابه خلال الحفل الختامي: “تكمن أهمية البرنامج في أنه يمثل بداية توحيد للجهود والتعاون من أجل مجتمع دامج يضمن حقوق الجميع. نؤمن بأن أولياء الأمور والمدرسين والطلاب هم ركائز عملية التعليم التي تقود نحو الدمج والمساواة والعدالة الاجتماعية.”

“يعزز البرنامج دور المعلمين وأولياء الأمور واتحاد الأهالي والمعلمين. كما يمكّن العلاقة بين الأهالي والمعلمين الذين يلعبون دوراً فاعلاً في تعزيز قبول الأشخاص ذوي الإعاقة في مجتمعهم.” آسيا ياغي، مديرة جمعية (أنا إنسان لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة)