في سلسلة “من أهل الاختصاص”، نقدم لكم تقارير مختصرة تطرح وجهات نظر المختصين حول القضايا ذات العلاقة بالأمن والسلام وتمكين المرأة وغيرها من الموضوعات والقضايا التي تهم الشباب والمجتمعات المتضررة من النزاعات والصراعات.

وفي هذا التقرير نطرح قضية تأثير جائحة كورونا على العمل الشبابي التطوعي للحد من العنف المجتمعي والجهود المطلوبة لدعمهم حاليا وما بعد هذه الازمة.

أستاذ علم الاجتماع، الدكتور حسين الخزاعي

مما لا شك فيه أن فئة الشباب ستتأثر وتؤثر في المجتمع خلال أزمة كورونا، فإذا تم استثمار طاقاتهم بطريقة إيجابية تراعي تعليمات السلامة العامة فسيكون لهم أثر إيجابي ملموس، فعلى سبيل المثال، يستطيع الشباب استخدام الأدوات التكنولوجية الحديثة في نشر التوعية والإرشادات العامة بالإضافة إلى توجيه وتوزيع المساعدات، كما يمكنهم تشكيل فرق لمساعدة كبار السن والتواصل معهم عبر الإنترنت للحد من الضغط النفسي الذي تولده الأزمة.

وعلينا ألا ننسى دور الأسرة المهم في مساعدة الشباب على استثمار طاقاتهم، بالإضافة إلى مد جسور التواصل معهم وتشجيعهم على تعلم هوايات ومهارات جديدة.

أما على الصعيد المجتمعي، فإنني للمراكز الشبابية دور مهم، إذ تستطيع توعية الشباب عبر الإنترنت وتهيئتهم للعمل التطوعي، ومواجهة الإشاعات والحد منها، وعدم الانخراط في الأحاديث ذات النظرة السوداوية التي تثبّط معنويات أفراد المجتمع وتحرمهم لذة الشعور بالإنجاز.

الأمينة العامة للمجلس الأعلى لشؤون الأشخاص المعوّقين سابقا، الدكتورة أمل النّحاس 

لقد شهدنا خلال جائحة كورونا انخراطا واضحا للشباب في مجال العمل التطوعي، كتطوّعهم في مجال توزيع المواد الغذائية والدوائية، ونشر الوعي الصحي والوقائي والمساهمة في تلبية الاحتياجات الطبية للمواطنين إلى جانب مساندتهم لفريق الدفاع المدني.  كما لمسنا جهود الشباب وعملهم النشط على منصات التواصل الاجتماعي وبث رسائل تتناسب مع المرحلة التي نمر بها. كما أن أحدى النقاط الإيجابية التي لمسانها هي مواصلة الشباب للعملية التعليمية والتدريبية من خلال المنصات الإلكترونية، في نقلة نوعية للمنظومة التعليمية في الأردن، كما عززت الأزمة من التكافل الاجتماعي حيث برز العمل الشبابي على صعيد العائلة من خلال تعاونهم مع آبائهم وأمهاتهم في الأعمال المنزلية وخاصة في العناية بكبار السن خوفاً عليهم من فيروس كورونا، وفي المحصلة أدى هذا العمل المشترك إلى دمج الشباب أكثر في المجتمع وتغليب المصلحة الاجتماعية العامة على المصالح الخاصة الضيقة مما أبعدهم عن العنف المجتمعي.

أما فيما يتعلّق بالجهود المطلوبة لدعم الشباب في المرحلة الحالية وما بعد هذه الأزمة فيجب علينا التعاطف مع قضاياهم، والإنصات إليهم ومعرفة احتياجاتهم المتعلقة بواجباتهم المدرسية والجامعية ومحاورتهم والانفتاح عليهم ومنحهم الحوافز لتعزيز ثقتهم وأملهم بالمستقبل من خلال دعمهم مادياً ومعنوياً.

كما أن إشراك الشباب في مشاريع ريادة يعد أمرا بالغ الأهمية، وعلينا تمكينهم وتدريبهم وتفهّم طموحاتهم، وخلق فرص عمل لهم وتوجيه الشكر لهم على تفهمهم لمجريات هذه المرحلة وما بعدها.

الصحفية والناشطة في مجال السلام، رلى السماعين

نحن في هذا الوقت بأمس الحاجة إلى القيادات الشبابية يعملون لمصلة وطنهم، أكثر من أي وقت مضى، وفيما يتعلّق بالعمل التطوّعي، فإنني أعتقد أننا بحاجة إلى الاستفادة من التكنولوجيا الحديثة وشبكة التواصل الاجتماعي، من خلال نشر التوعية حول وباء كورونا وبث معلومات موثوقة المصدر، ونشر المحتوى الهادف وتوفير احتياجات كبار السن، للحيلولة دون خروجهم من منازلهم لما لذلك من خطر على صحتهم خلال هذه الجائحة، ولأن الشباب قدوة لمجتمعاتهم فإن عليهم التحلّى بحس المسؤولية اتجاه أنفسهم ومجتمعاتهم من خلال الالتزام في التباعد الاجتماعي وتطبيق التعليمات الصادرة عن الحكومة لحماية أنفسهم ومن حولهم.

رئيس المجلس الأعلى للشباب الأسبق، الدكتور سامي المجالي

مما لاشك فيه أن العمل التطوعي هو أحد ركائز العمل الشبابي، وهو ويأخذ أشكالا مختلفة تبعا لواقع الحال والظروف المحيطة. وفي ظل جائحة كورونا كان من المؤمّل أن يأخذ العمل التطوعي في مجال الحد من العنف المجتمعي حيزا من وقت الشباب، إلا أن العمل التطوعي “المحدود جدا” الذي نفّذته بعض المؤسسات وعدد من الأفراد في مختلف مناطق المملكة، أخذ جانبا واحداً يتعلّق بالمعونات وما شابهها. كما أقيمت بعض المجالس التي تتحدث عن مواضيع مختلفة، أي أن الجانب المتعلق بالعنف المجتمعي لم يأخذ حقه، كما كنا نأمل، والسبب يعود إلى الحظر الشامل أو الحظر الجزئي.

ولا بد من تعويض ذلك ما بعد الأزمة وأن يمارس الشباب دورهم في هذا المجال وأن يلجؤوا إلى أساليب ووسائل جديدة تساعدهم في تحقيق أهدافهم.

مديرة إدارة دائرة الاتصال في مؤسسة ولي العهد ، روان خوري

لقد غيّرت جائحة كورونا شكل العالم على مختلف الأصعدة، فعلى صعيد العمل الشبابي التطوّعي، لا بد أن نعترف أنه تغيّر بشكل كبير، فلا أتوقّع أن نرى نماذج العمل التقليدية التي اعتدنا عليها بل سيتم استبدالها بالعمل التطوّعي الإلكتروني أو بالعمل عن بعد بكل تأكيد.

ومن منطلق إيمان مؤسسة ولي العهد بأن الأعمال التطوّعية تعلّم الشباب تحمل المسؤولية وتبني شخصياتهم، كنا قد أطلقنا منصّتان إلكترونيّتان للعمل التطوّعي والخيري هما منصّة نوى www.naua.org ومنصّة نحن www.nahno.org  الهادفتان إلى مأسسة هذه الأعمال وتعزيز مشاركة الشباب بها لإحداث تغيير إيجابي في المجتمع. ومع هذه الأزمة، زاد عدد المتطوّعين على هذه المنصّات بشكل ملفت.

والآن، لابد من الاستمرار باستخدام الوسائل الإلكترونية خاصّة وأنها أثبتت فعاليّتها وسرعتها وكلفتها الأقل، كما وأثبتت بأن شبابنا وبناتنا على قدر المسؤولية حيث مكّنهم وعيهم من مواكبة التطوّر وتسيير متطلباتهم ومجابهة ما رتبته هذه الجائحة من آثار سلبية.

وهنا يكمن تظافر جهود الجميع للحد من أي ظواهر سلبية؛ فأبناء وبنات الأردن هم مدعاة للفخر، وأملنا كبير بإحداثهم للتغيير للأفضل في مجتمعاتهم بإذن الله.

رئيس هيئة أجيال السلام، الدكتور مهند عربيات

مثلت جائحة كورونا تحدياً على المستوى العالمي كونها مشكلة عابرة للحدود و لكن التعامل معها بنجاح يعتمد بشكل كبير ليس فقط على الحكومات المركزية و المؤسسات الدولية بل على الأفراد. هذا الواقع الذي فرضته الجائحة يعزز من دور المواطنة على جميع المستويات، فنحن بالضرورة مواطنون في مجتمعاتنا المحلية ولكننا أيضاً مواطنون في دولنا و في العالم ككل. بالنسبة لنا، وبالرغم من الكلفة الصحية والاقتصادية للجائحة، نرى أنها فرصة لتأكيد و تعزيز دور الشباب كأعضاء فاعلين في مواجهة التحديات الآنية و المستقبلية التي ستفرضها تبعات الجائحة علينا ككل. على الحكومات توفير المساحة للشباب لأخذ دورهم في القيادة، وهذه المساحة لا تنحصر فقط في الجانب الاقتصادي من خلال فرص العمل، بل يجب أن تشمل الجانب الاجتماعي الذي بدوره سيعزز المساهمة السياسية للشباب في صنع القرار و تشكيل السياسات. طريقة تعاملنا مع الجائحة وتبعاتها كدول له كلف حالية و مستقبلية سيحمل وزرها الشباب في المستقبل، لذلك فمن الضروري أن يشارك الشباب في هذه المرحلة بالذات، لأن غياب التشاركية سيكون له آثار سلبية ستعمق من الشعور بالتهميش و تدفع بنا نحو حالة من غياب الأمل الذي نحن بأمس الحاجة له الآن.