حنان الزعبي – من سوريا إلى الأردن، رحلة لجوء

 

بقلم عبير علّان
القصة متوفرة هنا بالإنجليزية من كتابة كريس تود

من سوريا أتت، وتحديداً من درعا حيث اتسمت حياتها بالفرح والسلام، إلى الأردن حيث بدأ مشوارها في التطوّع مع هيئة أجيال السلام ضمن برنامج “عزم الشباب” الجاري تنفيذه بدعم من الصندوق الاستئماني الأوروبي “صندوق مدد” في مختلف محافظات المملكة.

حنان هي واحدة من أكثر من 751,265 لاجئاً مسجّلين في الأردن رسمياً مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، هذا العدد الضخم أدى إلى ضغوطات اجتماعية واقتصادية ساهمت في خلق حالة من التوتر بين اللاجئين والمجتمعات المُضيفة، حيث زادت الضغوطات الاجتماعية والاقتصادية. [1]وهنا كان من الضروري إيجاد البرامج التي تعالج هذه القضايا والتوتر، وبالتالي بدأت هيئة أجيال السلام العمل ببرنامج عزم الشباب الذي يهدف إلى تعزيز التماسك الاجتماعي، والمهارات الحياتية، وتمكين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 9 إلى 25 عاماً.[2]

رحلة حنان من سوريا إلى التطوّع مع هيئة أجيال السلام لم تكن رحلة سهلة.

قضت حنان أجمل سنوات عمرها في بلدها سوريا مع أطفالها وزوجها الذي خرج لاحقاً من سوريا للعمل و تأمين المصروف ولقمة العيش لعائلته. وعندما اشتعلت نيران الحرب في سوريا، فهي لم تستثنِ أحداً، وباغتت جدران بيت حنان – بيتها الذي كان موطناً لها ولزوجها وأطفالها – وتصاعد دخان الحرب ليدفع بهم إلى الهروب… إلى اللجوء بحثاً عن الأمل والأمان. فاحتضنها الأردن مع أطفالها، تاركة خلفها ذكرياتها وصديقاتها وحياتها وجدّ أطفالها (والد زوجها) الذي آثر البقاء في سوريا. فعلى حدّ قوله: “الهجرة في عمري صعبة، أريد أن أقضي آخر أيام عمري على أرض الوطن.”

لجأت حنان إلى مخيم الزعتري، ومع اللجوء بدأت الحياة تزداد قسوة عليها وعلى أطفالها، فغياب والدهم وجدّهم أثّر فيهم وخصوصاً على أكبرهم “موسى”؛ فبتركه سوريا وكأنه ترك ما تحلّت به شخصيته من الجرأة والقدرة على التعبير عن الذات والاختلاط مع باقي الأطفال.

حياة المخيم لم تكن سهلة، كانت صعبة للغاية والأوضاع فيها سيئة جداً، ولذلك وبعد أيام قليلة من لجوئها إلى مخيم الزعتري، تقول حنان: “أخذت أطفالي وهربنا عبر السياج إلى قرية لا نعرف فيها أحداً. قمتُ ببيع كل ما أملك من الذهب حتى أستأجر شقة مفروشة تمنحني أنا وأطفالي بيتاً آمناً نقفل بابه، وننام فيه.”

أصبحت تتنقل حنان من مكان إلى آخر إلى أن استقرت في مجتمع آمن في إحدى أحياء عجلون.

حان الوقت لحنان بأن تفكر بنفسها وكيف لها أن تساعد زوجها في تحمّل المصاريف، وباتت تفكّر بطرق تساعدها على إحداث تغيير في المجتمع وترك بصمتها فيه، خصوصاً بعدما قلّت مساعدات خدمات المفوضية السامية للاجئين المقدمة لعائلتها.

من هنا، بدأت رحلة حنان مع التطوّع.

ذهبت حنان للتطوّع مع مؤسسات مختلفة، الذين قابلوا شغفها الواضح بكل ترحاب، ومنحوها فرصة المشاركة في دورات للتيسير حتى تقوم بتدريب متطوعين آخرين. كما اشتركت بدوارات عن الزواج المبكر، وذلك لإدراكها صعوبة هذه التجربة فهي نفسها تزوجت في عمر صغير. لم تتوقف حنان هنا، بل أخذت دورة عن الأمراض السارية والغير سارية وقد استلمت شهادة تثقيف صحي لتفيد مجتمعها بما اكتسبته من معلومات ومهارات.

كما شجّعت حنان ابنها موسى على المشاركة في أنشطة هيئة أجيال السلام والتي صقلت من شخصيته وساعدته على الانسجام مع الطلاب وكسر حواجز الخوف والخجل، وهنا بدأت أجواء السعادة والاستقرار تعود إلى بيتهم.

وبسبب شغفها وجهودها الواضحين تجاه التطوّع، تم تعريف حنان على برنامج “عزم الشباب” في هيئة أجيال السلام حيث وجدت فيه الأنشطة التي تبعث الأمل في الشباب الأردني والسوري، فبدأت تشارك في الأنشطة التطوعية والتي تهدف من خلالها إلى إحداث التغيير الإيجابي الواضح في المجتمع المحلي والذي شهدته عيناها على أرض الواقع.

حنان الزعبي، خلال تدريبات برنامج عزم الشباب – مدد

رحلة حنان مع التطوع منحتها السلام والأمل التي ظنّت بأنها فقدتهما عند بدء رحلة اللجوء، ولكنهما عادا إليها ليمنحاها فصلاً جديداً يتسم بالإصرار على رسم مستقبل مشرقٍ لها ولأطفالها. وهي تعمل الآن على زرع الأمل والسلام أينما تستطيع وخصوصاً في مجتمعها المحلي الذي تقابل فيه العديد ممن مرّوا بذات الظروف وعايشوا ذات الخوف.

“ولهذا السبب على وجه التحديد، تطوّعت مع هيئة أجيال السلام، لأحلّ المشاكل التي تشبه مشكلة ابني.”

 

 

 

 

[1]http://www.alghad.com/articles/2314472-86-من-اللاجئين-السوريين-دون-خط-الفقر

[2]https://www.generationsforpeace.org/ar/استجابة-للأزمة-السورية-إطلاق-برنامج/