منذ بضعة سنوات، وبعض المجتمعات تشهد توجّهاتٍ الشباب نحو العنف وتحويل طاقاتهم الحيوية إلى طاقات عدوانية تعمل على تأخير تقدّم المجتمع. فالعنف من معوّقات التنمية المجتمعية، لأنه يستهلك طاقات الشباب ويُلهيها عن توطيد العلاقات وبناء المجتمع.

مروة متطوعة في هيئة أجيال السلام من الأردن، وقد لاحظت منذ فترة بعض السلوكيات الغريبة على الشباب في مجتمعها، حيث طالبوا بتغيير بعض عادات المجتمع. وبالنسبة لمروة هذا التغيّر كان مثيراً للريبة، فبعض الشباب نشروا أفكاراً غريبة في محيطهم العائلي وضمن علاقاتهم في المجتمع، كما لجأوا إلى استخدام مواقع التواصل الاجتماعي للتعبير عن هذه الأفكار ولنشر محتوى يتضمن لغة الكراهية والتحريض على العنف.

لم تدرك مروة حينها أهمية التعامل مع هذه التغيّرات والأفكار العدوانية وتجاهلتها، إلى أن أتى ذلك اليوم المؤلم، اليوم الذي فقدت فيه أحد أفراد عائلتها الذي اتّبع هذه الطريق وذهب ضحية لهذا التخبّط الفكري. فقدانها لقريبها كان مثل الضربة الصاعقة التي جعلتها تتحرك نحو فهم أشكال العنف ومسبباته ومخاطره على أمن المجتمع كأفراد وجماعات، لتدرك أهمية الانتباه إلى أي تغيّر في سلوكيات أفراد المجتمع.

لذلك، شاركت مروة في برنامج “كسب التأييد من أجل السلام والاستقرار الاجتماعي” الذي تنفذه هيئة أجيال السلام بالتعاون مع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي في مختلف محافظات الأردن. تضّمن البرنامج ورشات تدريبية ساعدت المشاركين على فهم مؤشرات العنف في المجتمعات، ومن خلالها اكتسبت مروة الخبرة والمهارات التي أهلّتها لأن تطلق مع زملائها من المتطوعين حملات توعوية للشباب في منطقتها لنبذ العنف ولإعادة توجيه الشباب نحو السلوكيات الإيجابية لصالح المجتمع.

خلال هذه الحملات، وفّرت مروة وزملاؤها المساحة الآمنة للشباب للتعبير عن مخاوفهم وكلّ ما يثير قلقهم، ما ساعدها على تخطّي صدمة فقدانها لقريبها. هذه المساحة الآمنة جعلتها تقابل أشخاصاً مرّوا بتجارب مشابهة لتجربتها، حتى بدأوا بتكاتف جهودهم والتركيز على زيادة الوعي ضمن المجتمع لنبذ العنف.

كانت هذه المرحلة نقطة تحوّل في حياة مروة، فلا تمرّ مبادرة مجتمعية أو حملة توعوية في المنطقة إلّا ونرى مروة من المشاركات فيها. وهي تعمل الآن جاهدة للمساهمة في إطلاق المبادرات المجتمعية التي تهدف إلى نشر خطاب المحبّة، وتحفيز الشباب على توجيه كامل طاقاتهم نحو المبادرات التي تساهم في تقدّم المجتمع.

“أطمح بأن نبدأ في إطلاق الحملات التوعوية التي تستهدف الأهالي، حيث أنهم الأقرب إلى أطفالهم وشبابهم وهم نقطة الوصول إلى الطاقات الحيوية والأذرع البانية لمستقبل مشرق.”